هل حرّف الشيعة رواية تفسير القمي في فضل أبي بكر ؟
يتم تداول شبهة من قبل المخالفين تفيد وقوع التحريف في بعض كتب التفاسير الشيعية حيث هناك اختلاف بين المخطوط والمطبوع، وأنقل لكم نص الشبهة حتى تجيبوها.
يريدون الطعن في الصديق فأضافوا “فقال في نفسه صدقت انك ساحر” في المخطوط لا نجد هذه العباره !!
ونفس الروايه السابقه حرفوها في كتاب آخر وهو (تفسير البرهان) هذه المره حذفوا “فقال له رسول الله ﷺ أنت الصديق”
كذلك تم تحريف نفس الروايه السابقه ومن مصدرها الرئيسي تفسير القمي وهو أهم تفاسير الشيعه أضافوا “الآن صدقت انك ساحر”
وكذلك حرفوا نفس الروايه السابقه وللمرة الرابعه في كتاب (بصائر الدرجات) أضافوا “انك ساحر” ولا نجد هذا اللفظ في المخطوط وهذا من حقد المجوس على الصديق
فما هو جوابكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بما أن الشبهة تتمحور حول روايتين وهما رواية القمي (ت 307 هـ) في تفسيره، ورواية الصفار (ت 290 هـ) في بصائره، وما غير ذلك هو نقولات متأخرة عن تفسير القمي، فصاحب تفسير نور الثقلين هو الشيخ عبد علي بن جمعة الحويزي (ت 1112 هـ)، وكذلك صاحب تفسير البرهان وهو السيد هاشم البحراني (ت 1107 أو 1109 هـ) فالرد سيكون متمحور حول مصدر هاتين الروايتين.
في البداية لا بد من أن نشير إلى اختلاف نسخ تفسير القمي مما قد يفسر سبب اختلاف العبارات من نسخة إلى أخرى
1- نسخة الطبرسي (ت 548 هـ) صاحب تفسير (مجمع البيان) وقد أكثر النقل منها في تفسيره، وبعض منقولاته غير موجودة في النسخة المتداولة اليوم من التفسير مما يشير إلى وقوع سقط في النسخة أو وجود نسختين من تفسير القمي كبير وصغير كما قال به الميرزا محمد رضا النصيري في كتابه (تفسير الأئمّة لهداية الأمّة) كما نقله عنه الشيخ العريبي.
2- النسخة التي اختصرها ابن العتائقي (تـ بعد 778 هـ) والمتداولة اليوم باسم (مختصر تفسير القمي) وبينها وبين النسخة الكاملة المتداولة اليوم اختلاف.
3- النسخة المتداولة اليوم باسم (تفسير القمي) ليست لعلي بن إبراهيم وحده، وإنما هو ملفق مما أملاه علي بن إبراهيم على تلميذه أبي الفضل العباس، وما رواه التلميذ بسنده الخاص عن أبي الجارود من الإمام الباقر (عليه السلام) وهو ما اشار له الشيخ السبحاني.
و أما الطريقة العلمية لإثبات وقوع التلاعب والتحريف في كتاب ما هي مقارنة المطبوع مع المخطوط الذي اعتمده المحقق في أخراج الكتاب وهذا ما لم يستوعبه صاحب الشبهة، فذهب وأنتقى مخطوط يوافق هواه ولم يعتمده المحقق في تحقيقه، فلو راجعنا مقدمة النسخة المطبوعة التي أرفق صورتها من تفسير القمي ص 16+18 وهي بتحقيق السيد طيب الموسوي الجزائري، لوجدنا أنه اعتمد في تحقيقه على أربع نسخ.
وقد يسر الله لنا الاطلاع على النسخة الأولى والنسخة الثانية، وإليك صورة من محل الإشكال:
وكما يلاحظ عدم وجود لفظ (فقال في نفسه الآن صدقت أنك ساحر) في النسخة الأولى، وذلك لأن المحقق أشار لوجود هذا اللفظ في النسخة الثانية (ط)
واللفظ موجود كما هو واضح في النسخة الثانية (ط) في الحاشية.
فإن قيل: ان اللفظ هنا ليس من الأصل وإنما هو حاشية يحتمل أضافتها من قبل الناسخ أو أحد العلماء
قلنا: وجود اللفظ في الحاشية لا يعني أنه ليس جزءا من الأصل، فكثير ما يسهو الناسخ عن لفظ ما فلا يورده في الأصل وينتبه لاحقا أنه أسقط هذا اللفظ فيورده في الحاشية، وقد يتبع هذا الناسخ نساخا أخريين ويهملون الحاشية ظنا منهم أنها زيادة على الأصل، وهذا ما قد يفسر سبب عدم احتواء بعض المخطوطات على اللفظ الكامل، علما أننا أطلعنا على نسخة تحتوي على اللفظ الكامل في الأصل، وستأتي صورة لها، ومما يزيد الاطمئنان بصحة اللفظ المختار ووقوع سقط في بعض نسخ المخطوطات التي أستشهد بها صاحب الشبهة هو أن رواية الصفار صاحب بصائر الدرجات والتي تحكي نفس الواقعة، ورد فيها اللفظ كاملاً وسيأتي الكلام عنها ورد شبهة التحريف في المبطوع.
والنسخة نفيسة عليها بلاغ مقابلة وتصحيح، وتاريخ نسخها هو 1074 هـ
وأما ما أدعي من تحريف في كتاب بصائر الدرجات فهو في الواقع يدل على جهل صاحب الشبهة فهو استدل بنسخة متأخرة من البصائر والمحفوظة في مكتبة ميتشغان وتاريخ نسخها هو 1072 هـ ، وهذا يعني أن الفاصلة بين النسخة وتاريخ وفاة المصنف هو 782 سنة !
والبديهي المعلوم والمتسالم عليه في علم التحقيق هو تقديم النسخة الأقدم والأقرب إلى عصر المؤلف، إلا باستثناءات مثل أن النسخة الأقدم مشكلة من حيث وجود سقط أو تصحيف والنسخة المتأخرة نقلت عن نسخة المؤلف مثلاً أو أحد تلاميذه أو أنها كانت متداولة من قبل العلماء وعليها بلاغاتهم – وغيرها من المرجحات غير الموجودة في نسخة مكتبة ميتشغان، لهذا يرجع إلى الأصل وهو تقديم النسخة الأقدم وهي نسخة مكتبة المرعشي وهي أقدم النسخ الواصلة إلينا، حيث يعود تاريخ نسخها إلى سنة 591 هـ
والآن نراجعنا موضع الشاهد الذي أدعي عدم وجوده في المخطوط
والنص الموجود مطابق للمطبوع كما هو ظاهر في الصورة، وبهذا تنهدم شبهة هذا الجاهل، التي بناها على مبنى هش
وفقكم الله لمراضيه.